قلت بعد فتره وجيزه وتأخرت جدا عذرا
واني لكم من الناصحين
(يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيد أ ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد)
قال أبو جعفر فإن مصيركم أيها القوم يومئذ إليه ، فاحذروه على أنفسكم من ذنوبكم
عن الحسن في قوله وماعملت من سوء تود لو ان بينها وبينه امدا بعيد قال : يسر أحدهم أن لا يلقى عمله ذاك أبدا يكون ذلك مناه ، وأما في الدنيا فقد كانت خطيئة يستلذها
وإلى كل أولئك نقول توبوا إلى الله واستغفروه وأنيبوا إليه واعلموا أن ربكم رؤوف رحيم يقبل التوبة عن عبادة ويغفر السيئات ويتجاوز عن الخطيئات وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31].
ثم إنه من قارف الذنب ووقع في المعصية ثم استتر بستر الله ولم يتبجح ويجاهر بها كان ذلك أدعى إلى التوبة
وفي الجهر بالمعصيه مفاسد منها
أوّلاً: أنّ في الجهر بالمعصية استخفافًا بمن عُصي، وهو الله عزّ وجلّ كما قلنا سابقا، فهو يعصِي الله علانيّة، لم يخش خالقه، ولم يعظّم المنعم عليه ورازقه
- ثانيا: أنّه قد عَرِي من الحياء، والحياء من الإيمان، لكنّ المجاهر بالمعصية لم يخش خالقا ولم يستحِ من مخلوق، لم يراقب ربّ العالمين واستخفّ بصالحي المؤمنين، وفي الحديث الّذي رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ البدريِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم: « إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ ».
- ثالثا: أنّه بجهره بالمعصية ينشرها بين النّاس ويُذهِب هيبتها، ويقلّل في أعين النّاس خطرها، ثمّ يقلّده غيره فيها، ومع الأيّام تصير الكبيرة صغيرة، والمعصية مباحة، والمعروف منكرا، والمنكر معروفا، لذلك حرّم الله تعالى الإخبار عن المعصية وجعلها من إذاعة وإشاعة الفاحشة بين المؤمنين، والأمثلة على ذلك كثيرة، منها:
* أنّه حرّم الحديث عن المعصية إذا وقع فيها العبد، لذلك قال في تتمّة الحديث: « وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ ». هذا عمِل في سِترٍ، ثمّ جلس مع جلسائه مجلسا فكشف ستر الله عليه، فاعتبره النبيّ صلى الله عليه و سلم مجاهرا، فكيف بمن باشر المعصية جهارا ؟ كيف بمن يسير وهو كاشف عن عورته ؟
*وكما قنا سابقا وللتذكير روى الحاكم في " المستدك " عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه و سلم قَالَ: « اِجْتَنِبُوا هَذِهِ القَاذُورَاتِ الَّتِي نَهَى اللهُ عَنْهَا، فَمَنْ أَلَمَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللهِ، وَلْيَتُبْ إِلَى اللهِ ».
حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن صفوان بن محرز
قال يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه فيقول عملت كذا وكذا فيقول نعم ويقول عملت كذا وكذا فيقول نعم فيقرره ثم يقول إني سترت عليك في الدنيا فأنا أغفرها لك اليوم )صحيح البخاري
أن رجلا سأل ابن عمر كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى
ولا شك أن المعاصي درجات والإثم يتفاوت فيها بحسب حال العاصي أثناء المعصية وحاله بعدها ، فليس المتخفي بمعصيته المستتر بها كالمجاهر ، وليس النادم بعدها كالمفتخر بها
قال ابن القيم :
وبالجملة فمراتب الفاحشة متفاوتة بحسب مفاسدها ، فالمتخذ خدناً من النساء والمتخذة خدناً من الرجال أقل شرّاً من المسافح والمسافحة مع كل أحدٍ ، والمستخفي بما يرتكبه أقل إثماً من المجاهر المستعلن ، والكاتم له أقل إثماً من المخبِر المحدِّث للناس به ، فهذا بعيد من عافية الله تعالى وعفوه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل أمتي معافى إلا المجاهرين ... "
الخدن والخدنة : العشيق والعشيقة
والله اعلم واسف على الاطاله ولكن وجب الاسهاب
وسأقتنص اصحاب التواقيع المذكوره وسأرسل لهم رابط الموضوع لعلهم ينتفعون