تنبيه ~ فأَنتَ بالنفْس لآ بالجسم إنسَآن ~ {الحلقة :1:}

احم احم ..أعزائي السياح .. أقدر لكم انزعاجكم .. فمن المفترض أن تقام تلك الرحلة منذ زمن بعيد

ولكن أصابني بعض الكسل فلم أتمكن من إنهاء إعداداته ومستلزماته بسرعة

تمتم أحد الحضور قآئلآ : يآ له من عذر ...

اعتدل المرشد في جلسته ودفع شعوره بالارتباك جآنبآ وبدت على ملامحة الجدية فقال :

سأشرع في التحدث عن رحلتنا بإيجاز حتى لا يعتريكم الشعور بالضجر ..حسنآ؟؟

الآن نحن في مجتمعاتنا نعاني من شيء نقوله ونضعه ـ للأسف - في حسباننا قبل أي شيء

وعن هذا الشيء سيكون محور حديثنا اليوم أقصد رحلتنآ .. يبدو أنه لن يكون محور واحدآ بل سيكون عدة محاور حول هذا المحور الرئيسي أو قد تكون هذه إحدى المحاور تدور حول عنواننا الرئيسي .^ــــــــــــــ^.

رد عليه أحد السياح : خلص يا أستاذ محور مش ناقصين تأخير ><

- حسنآ حسنآ ^^

ممم في البداية أريد أن أعلمكم أن مقر سياحتكم لن يكون مكانا وآحدآ..
سنتنقل عبر الأزمان .. والأكثر إثارة من ذلك أننا لا نعلم في أي زمن سنهبط ..ولا أنآ حتى أعلم .. آلتنآ هي التي ستقرر .. سنبدأ ...



يتبع يرجى عدم الرد ~.






















التوقيع

ها قد وصلنا .. توقفت الآلة عن العمل ..عندمآ سمعت " إني وليت عليكم ولست بخيركم .. "

هل ياترى ..عرفتموه ؟؟ هل عرفتم من نطق بتلك الكلمات .. كلمات ملؤها التواضع ..كلمات تدل على أن قائلها لا يعرف قدر نفسه.. ونحن على ثقة بأنه لم يكن يريد أن يعرف ذلك ..

إنه خل رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الصديق رضوان الله عليه .. دعونا نتمتع بما سنسمعه في هذا العالم وانسوا عالمكم قليلآ .

هنا لدينا الصحابي الجليل ربيعة الأسلمي وقع في مشادة مع الصديق رضوان الله عليه فقال له له أبو بكر قولا لم يستسيغه ..

فاستيقظت نفسه .. ـ أقصد- عذرآ سيدنآ بل أَنبته نفسه لأن نفس مثل هؤلاء لا يغفل

فطلب أبو بكر منه أن يردها له حتى تكون قصاصا .. ولكنه رفض وأبى بشدة ..

فذهب الصديق إلى الرسول يشتكي ربيعة الأسلمي ..وانطلق ربيعة وراءه .. فروى له ما جرى ..

فسأله النبي : يآ ربيعة مالك والصديق؟؟

قال : إنه قال قال لي كلمة كرهتها ثم طلب إلي ان أردها عليه لتكون قصاصا فأبيت .

فقال الرسول : احسنت يا ربيعة .. لا تردها عليه .. ولكن قل غفر الله لك يا ابا بكر ..

فقال له ربيعة : غفر الله لك يا ابا بكر ..

فتولى سيدنا ابو بكر وهو يبكي .

تصنع المرشد ابتسامة ملؤها الألم والحسرة .. فقال : هه .. لقد كانت مجرد كلمة أحزنته مع أننا على ثقة أنها لم تكن كلمة بذيئة أو قول فاحش ..
ويبكي من أجلها ؟؟ وآآعجبآه .. ولو نحن كنا مكانه .. لبحثنا عن البادئ ولحققنا في الموضوع حتى نجعل من أمامنا هو البادئ بالخطأ...
ولن تعتذر مهما حصل .
..

تحركت الآلة فتوقفت مجددآ ليس في عالم آخر بل هو العالم ذاته ..ليكتشف السياح عظمة هذا العالم .. دعونا نتابع .

ونرى مآ كآن موقف سيدنا عمر عندما تقفى أثر صآحبه في أحد الأيآم ليجده قد انصرف من منزل ما ..

فدخل عمر هذا المنزل حتى يرى امرأة عجوز فيسألها عما كان يفعله أبآ بكر لديها ..

فتجيبه أن هذا الرجل يأتيها كل صباح حتى ينظف لها الدآر ويرتبه لها .. ويقوم على أمورها ..

" لقد أتعبت الخلفاء من بعدك " هذآ مآ قاله سيدنا بعد ما سمعه ...بالفعل غلبتهم سيدنآ ..

تنهد المرشد ثم قال : حسنآ أعزائي لكم أن تحزروا .. ما هي تركة خليفة رسول الله ؟؟

ماذا تظنون أن يكون إرث رجلآ بذاك المنصب .. مع الوضع في الحسبان .. أن هذا الرجل ليس كغيره ..؟؟

لم تكن سوى عباءة يستقبل بها الوفود .. ومحلب كان يضع بها الحليب عند حلبه للعنزة
غير ذلك .. فقدأمر بأن يعود كل هذا لبيت مال المسلمين .. يقينآ منه أن هذآ ليس ملكآ له

***


إنه خليفة رسول الله .. خليفته على أمته ..إنه خليل رسول الله .. وإمام الأمة في الصلاة من بعده .. ألا تدركون ما تلك الألقاب من عظمة..ما لهذا الصديق من أعرق تآريخ ؟؟ ..

إنه النفس أعزائي .. هو الحكم .. ليس المظهر ..رغم كل ما ناله من شرف .. رغم كل ما حاز عليه من مكانة ..

إلا أنه يرى نفسه لا شيء .. فهو يرى بأنه لم يحقق هدفه .. لم يآترى ؟؟ ...قآطع المرشد حديثه وقال:

حسنآ دعونا نتحرك فما زال لدينا الكثير لفعله ..مرحلتنا القآدمة لن تكون بعيدة فهي قريبة جدآ من صآحبتهآ ..








يتبع يرجى عدم الرد~.

ها قد وصلنا لهذا العالم.. إنه عالم أمير المؤمنين.. لنرى مآ سيذكره التاريخ عن نفسه العظيمة ..

إنه ذلك الخليفة العظيم الذي كان موقفه عندما استقبل هدية من حلوى المغرية .. أتته من إحدى عامليه فيلقي الاسئلة على رسوله

مبتدئا بسؤاله عما إن كان الشعب كله يأكل منه ليجيبه الرسول بقوله : بل هذا طعام الصفوة ..
تغيرت الملامح وثارت الأعصاب .. ليأمر الرسول بالعودة إلى مرسله ويبعث معه قوله بأن لا يأكل من شيء قبل أن يشبع منه الشعب ...
***



...

ولننظر سوية ماذا يحدث عندما يخطب سيدنا عمر فيقول :" يا معشر المسلمين ماذا تقولون إذا ملت برأسي للدنيا هكذآ ؟؟"

فيأتي عجوز ليرد عليه صآرمآ ملوحا يديه :"إذا نقول بالسيف هكذآ "..

فيسأله سيدنآ قآئلآ: إياي تعني بقولك ؟؟

فيجيب الرجل : نعم إياك أعني بقولي..

تهلل وجه سيدنآ من فرحته ويقول:" رحمك الله ..والحمدلله الذي جعل فيكم من يقوم عوَجي ."

علق المرشد سآخرآ بتألم : ولو كان أحد رؤسانا .. لسلخ جلد هذا الرجل من لحمه .. ولله المستعان
لوهلة أن المنصب قد يغير ما في نفسه .. ما ترسخ فيها في المدرسة المحمدية


لم يضع في حسبانه

.

انتهى المرشد من التعليق على تلك الروائع ...ثم قال : سنرحل إلى عالم لن نلبث فيه كثيرآ .. إنه عالم الخليفة .. الرقيق القلب ..

الصارم في الحق .. إنه الخليفة الذي كان موقفه عندما كان المحاصرين حول مقر خلافته يتربصون به .. يريدون الظفر بتلك اللحظة التي ينقضوا عليه فيها ..

عندما كان الصحابة رضوان الله عليهم بجواره يودون لو يفدونه بحياتهم ... يريدون مقاتلة هؤلاء المتمردين ولكنه يأبى ويصر على موقفه ..
فنفسه التقية لا تريد أن تكون أول من يعلن حرب مسلمة يقاتل فيها أبناء الديانة الواحدة بعضهم بعضا ..








...

حسنآ .. تقولون نحن نروي عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ومن المتوقع ان يكونوا هكذا فهم بجآنبه صلوات الله عليه وسلامه .. ينهلون من فيض علمه الوفير .. ولكننآ في تلك المرة سنرحل إلى عالم آخر ..





عالم بعيد عن نور النبوة .. قريب بروحه بنفسه التقية .. إلى عالم مليء بالمغريات والفتن .. وكآن قريبآ منهآ .. كل ما عليه هو نداء تلك الفتن .. لبت نداءه من غير توان ..

عاش في صغره حياة الرفاهية.. عاش حياة الأمرآء .. كل ما يود الحصول عليه يأت إليه دون أدنى جهد ..ولكنه عندمآ تولى الخلافة

تخلى عن كل هذا .. تخلى عن الرفاهية .. النعيم ... التبذخ ..على عكس ما نراه .. نقيض ما نعيشه وما عاشه سآبقوه من أمراء الدولة الأموية ..







تآبعونآ لتعلموا من أقصد بحديثي ..

هل عرفتم عن من أتحدث ؟؟ إنه معجزة الإسلام كما أطلقت عليه آلتنآ .. عمر بن عبد العزيز ....




دعونا الآن نستمع لهذا الموقف ونستمتع به ..

عندما يتولى عمر بن عبدالعزيز الخلافة ..

فيرى أمامه وفدآ متبهرجآ يستعد للاحتفال بتوليه الخلافة ..

فـاخذ الرجفة سيدنا ويسألهم: ماهذا؟؟

هذه جياد لم تركب قط .. تعد لاستقبال الخليفة الجديد

فينادي : مزآحم . ضم هذه لبيت المال ..

ويدعو بحصير فيفرشه على الأرض .. ثم يجلس فوقه بوقآر وعزة ..

ثم يجآء بالأردية المزركشة والفآخرة فيسأل : ما هذه ؟؟

فيقال له : إنها ثياب الخلافة يتحلى بها كل خليفة جديد ..

فينادي : يا مزاحم ضم هذه أيضآ إلى بيت المال

يآآآه لم يترك أي شيء من تلك المغريات لديه وليس كأي خليفة عادي .. فهو يرى أنه بتلك الطريقة قد أرآح نفسه التقية ..

حسنآ أعزائي هلآ أرحنا آلتنا قليلآ ، وانتقلنا للفقرة القآدمة ؟؟^^
تآبعونآ ..




تم اقتباس الأقوال فقط من كتاب خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم للكاتب خالد محمد خالد ...







يتبع يرجى عدم الرد~.

***

لكن ما المراد قوله بالضبط من تلك الرحلة ؟؟ سأقول لكم .. نحن الآن تجولنا في رياض لم يكن لجمالها نظير ولا لبهائها مثيل ..

وكانت تلك الرياض تحوي نماذج اشتركت في شيء وآحد .. ليس الزهد أو التقشف ..



فسيدنا عثمان لم يكن متقشفآ بل كان يعطي لنفسه وشعبه مما أفاء الله عليه ...

ولا عمر بن عبد العزيز في صغره .. ليس هذا هو هدفنا بل يجب تربية النفس وتزكيتها حتى ولو وجدت المرفهات ..

ففي طفولته حدثت حادثة دلت على طهر نفسه ونقائها

فقد تأخر سيدنا عمرعن الصلاة فلم يحضرهآ من أولها .. فسأله معلمه عن سبب تأخيره .. فأجابه أن مرجلته ـ ممشطته كآنت ترجل له شعره .. ـ

فتأخر عن الصلاة .. فأرسل معلمه إلى والده ليخبره عما حدث .. فأوصى وآلده بأن يقص شعر عمر بن عبد العزيز ..

فرضي عمر بذلك .. يقينآ منه أن هذا تكفير لما اقترفه .. ولكن انتبهوا معي قليلآ ... تأخر عن الصلاة ولم يفوتهآ .... وكآن طفلآ حينهآ

إذآ ما الذي تشاركوا فيه جميعآ ؟؟







تشآركوا في اهتمامهم بالمخابر .. بما في الباطن .. لم يكن يهمهم منصبهم ..ولا قدرهم ..ولا مركزهم ولا علمهم ..لا لا ..

ما كان يهمهم .. كيف أكون مرضيآ لله ؟؟ كيف أحسن خدمة ديني ؟؟ كيف أستعد لآخرتي ؟؟ ولقآء ربي ؟؟..

إنهم يعلمون الهدف من خلقهم .. حسنآ كفآنآ حديث عنهم رضوان الله عليهم ولننظر لحالنا .. لن أنتقد الحال الذي نعيشه ولن أنتقد أمتنا ولا المسلمين

بل سأرد على ذاك التساؤل وذلك القول الذي يتردد في أذهاننا: هؤلاء مختلفون عنآ .. لا تطالبونا بتقليدهم والسير على منهجهم في زمننا هذا ..

الكثير يقول هذا .. ولكن مآ ضير أن نذكر أمثآل عظيمة حتى نقتدي ولو بشيء بسيط منها..وليس للتعجيز ..

وأيضآ كفانا علمآ وعملآ بهدف خلقنا.. نحن لم خلقنا؟؟ أخلقنآ لنلعب ؟؟ أم لنلهوا؟؟ أم خلقنا لنتبذخ ونشتري أفخم الثياب ؟؟

ونأكل أغلى الطعام وأفخره ؟؟ أم خلقنا لنحكم على الآخرين من مظهرهم ؟؟

الجميع يقول لا .. ولكن هل منكم من عامل؟؟

أنا لا أقول لكم تخلوا عن كل هذا" عدا الأخيرة ^^"

ولكن لا يكون هذا أكبر همنا .. لا يكون ما يشغلنا .. بل هدفنا أسمى وأعلى .. نحن أمة رسالة فكيف يجب يكون شكل ووضع الأمة المختارة لهبوط الرسالة عليها ؟؟
هل يجب عليها أن تكون ..لآهية ؟؟ منشغلة بالتفاهات؟؟ حاكمة مهتمة بالمظآهر ؟؟اهتمت بلهوها أكثر من مهمتها ؟؟أم يجب أن تكون نقيض هذآ ؟؟

أترك لكم المجال للإجابة على أنفسكم








يتبع يرجى عدم الرد~.

هذه لم تكن سوى البداية أولى حلقات برنامجي الخاص بشهر النور .. فأنت بالنفس لا بالجسم إنسآن ..

وفي حلقاتنا القآدمة سأعرض بعض الطرق لتربية النفس ..على طاعة المولى .. وحبها للخير دون سواه ..

فكفانا اخوتي اهتمام بإشباع لذاتنا ورغباتنا والتمادي في ذلك ولننظر إلى أنفسنا كيف ننميها .. وكيف نسخرها في طاعة الله عز وجل ونيل رضاه ..

في الختام أقول لكم قول الشاعر ..

أقبل على النفس واستكمل فضآئلها ... فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ..

في أمآن الله ..